Sunday, 18 February 2018

إعدام الأطفال في إيران ووظيفة هيئات حقوق الإنسان

إعدام الأطفال في إيران ووظيفة هيئات حقوق الإنسان انشأ بتاريخ: 18 شباط/فبراير 2018


أمير مسعود الفرشتشي -ناشط في مجال حقوق الإنسان 


يمتلك النظام الإيراني أعلى معدل للإعدام في العالم نسبة لعدد السكان، وفي حكومة روحاني رئيس جمهورية إيران حتى الآن، تم إعدام 3200 شخصا من بينهم عدد كبير من الأطفال والمراهقين. ومحاكم إيران تصدر أحكام الإعدام بحق الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، وتبقيهم في السجون حتى تصل أعمارهم لسن 18 عاما ثم تقوم بإعدامهم، وهذا ما يعتبر بمثابة تعذيب نفسي وحشي بحق هؤلاء الأطفال الذين يعلمون بأن الإعدام ينتظرهم بعد سنوات.

الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدد من منظمات حقوق الإنسان وعدد من الدول المختلفة طالبوا إيران باستمرار بتوقيف عمليات الإعدام بحق الأطفال باعتبارها انتهاكا واضحا للقوانيين والاتفاقيات الدولية. ولكن كل هذه المساعي باءت بالفشل حتى الآن.

أحدث حالة إعدام حصلت بحق الأطفال في يناير الماضي هي إقدام النظام الإيراني على إعدام ثلاثة أشخاص: “أمير حسين بورجعفر” في سجن كرج، و”محبوبة مفيدي” في شمال ايران، و”علي كاظمي” في جنوب إيران.

فيما يتعلق بإعدام هؤلاء الأشخاص الثلاثة قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” يوم الأربعاء الموافق 7 فبراير 2018 في بيان لها نشر على موقعها:

«إن إيران أعدمت 3 أحداث على الأقل في مختلف المناطق في يناير/كانون الثاني 2018. على إيران أن توقف فورا ودون قيد أو شرط إنزال عقوبة الإعدام في الجرائم التي ارتكبها أطفال تحت سن 18 عاما، وأن تقوم بالحظر التام لعقوبة الإعدام» وفي البيان نفسه كتبت السيدة “سارة ليا ويتسن” مديرة قسم الشرق الاوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش”:

“إن إيران شنقت عدة أشخاص كانوا أطفالا عند ارتكاب الجرم، في بداية دموية لعام 2018. متى سيؤدي القضاء الإيراني مهمته فيضمن العدالة ويُنهي ممارسة إعدام الأطفال المشينة هذه؟”.

ومع أن إيران قد وقعت على اتفاقية حقوق الأطفال، لكنها تملك أعلى رقم لإعدام الأطفال في العالم، ووفقا لتقارير المنظمات الحقوقية عشرات الأطفال قضوا سنوات عديدة من عمرهم في السجون في انتظار تنفيذ حكم الإعدام بحقهم. القوانين الإيرانية حددت سن العقوبات القانونية للأطفال بـ 15 عاما للأولاد و8 أعوام للبنات. في حين أن الاتفاقيات الدولية منعت تطبيق حكم الإعدام بحق الأطفال التي تقل أعمارهم عن الثمانية عشر عاما.

النظام الإيراني خلال إجراء شكلي وظاهري في عام 2013، قام بتعديل قانون إعدام الأطفال في بعض الجنايات والجرائم، ولكن استمرت المحاكم الإيرانية في الحُكم على الأطفال بالإعدام بعد بدء نفاذ هذه التعديلات.

وفيما يتعلق بإحصاءات عمليات إعدام الأطفال تظهر أعداد مختلفة كل سنة. أحد الصحف الإيرانية باسم (شهرزاد نيوز) قبل عدة أعوام كتبت “70 طفلا إيرانيا يعيشون كابوس الإعدام”. وحسب تقارير منظمة العفو الدولية منذ 2014 وحتى نهاية 2017 أعدم النظام الإيراني 25 طفلا على الأقل.

قصص الأطفال الذين ينتظرون الإعدام في السجون الإيرانية مؤلمة جدا وفي بعض الأحيان يتم نشر هذه القصص في الصحف الإيرانية. فمثلا كتبت صحيفة حكومية إيرانية نقلا عن قول أحد المحاميين الناشطين في الدفاع عن حقوق الأطفال المحكومين بالإعدام، يقول المحامي: “أنا من أجل الحصول على توكيل مراهقين اثنين تحت اسم (رضا) و(محمد) ذهبت إلى سجن عادل أباد في شيراز، وهناك موضوع واحد أحزنني كثيرا، أنه في كل مرة كان يسمع هذين المراهقين أصوات مسؤولي السجن يتملكهم خوف ورعب شديدين، حيث كان يعتقد كل منهما أن هؤلاء الحراس يريدون إعدامهم”.

وحسب قول المحامي، فإن العديد من حالات الإعدام دون سن الثامنة عشرة تصدر على أساس اعترافاتهم (أي اعترافات الأطفال أنفسهم). في حين أن العديد منهم ليسوا على بينة وعلم بحقوقهم وبعواقب هذه الاعترافات التي تؤخذ عادة منهم تحت الضغط والتعذيب الشديد. وهم لا يعرفون أيضا أن هذه الاعترافات يمكن أن تؤدي بهم إلى أحكام الإعدام. كما قال بعض هؤلاء الأطفال إنه تم أخد اعترافات كاذبة منهم تحت التعذيب. ويشتهر القضاء الإيراني بالتعذيب والحصول على اعترافات كاذبة بالقوة.

النظام الإيراني من أجل تبرير إعدام الأطفال يدعي بأنه يطبق قوانين القصاص والقوانين الشرعية. في حين أن القرآن الكريم على وجه التحديد قد وضع قيودا على القصاص بأنه يجب القصاص من الأشخاص الذين وصلوا لمرحلة (النمو والرشد العقلي) فقط لا غير. الحقوقيون الإيرانيون الذين يعارضون إعدام الأطفال يقولون الأطفال تحت سن 18 في إيران لا يملكون حق التعامل التجاري، فكيف يمكن تطبيق مثل هكذا عقوبة قاسية عليهم كعقوبة الإعدام وسلبهم أرواحهم.

السبب وراء عدم اكتراث النظام الإيراني للإدانات الدولية، هو أن هدف هذا النظام من وراء الإعدامات الواسعة نشر مناخ الرعب والخوف في أوساط الشعب الإيراني، حتى لا يجرؤون على القيام بأي حركات احتجاجية ومخالفة له.

فيما يتعلق بموضوع إعدام الأطفال السيدة “رها بحريني” الباحثة في منظمة العفو الدولية قالت في تصريحها لـ«الشرق الأوسط»: “إن تقرير منظمة العفو الدولية الذي استند على رصد 49 حالة بالأسماء وتفاصيل ملفاتهم المدانين بالإعدام، فضلا عن أن التقرير يغوص في 20 ملفا قضائيا للمدانين دون 18 عاما، فيما ينقل شهادات محامين وناشطين ومؤسسات حقوق إنسان إيرانية معنية بحقوق الأطفال. ويبيّن التقرير أن 160 مراهقا كبروا تحت انتظار مشنقة الإعدام تجاوزت فترات انتظارهم بين سبع إلى عشر سنوات”.

في عام 2006 أيضا دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة “زيد رعد الحسين” نظام الملالي إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، مبديا قلقه البالغ إزاء عدد المتهمين القاصرين الذين هم بانتظار الإعدام.

كما قالت السيدة “أسماء جهانغير” المبعوثة الخاصة لأوضاع حقوق الإنسان في إيران بخصوص إعدام الأطفال في إيران في اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف في تقريرها الذي يشمل الأشهر الستة الأخيرة لعام 2016: “في عام 2016 تم إعدام 5 أفراد كان عمرهم أثناء ارتكاب الجريمة المنسوبة إليهم في عمر المراهقة. كما أعدم اثنان آخران في عام 2017 وهناك العشرات الآخرين ينتظرون الإعدام ويعيشون في ظل الموت”.

إعدام الأطفال في مجزرة السجناء السياسيين عام 1988

أكبر إحصائية لإعدام المراهقين كانت في عام 1988 في مجزرة قتل فيها أكثر من 30 ألف سجين سياسي في إيران، ومن بين الذين تم إعدامهم يوجد عدد كبير من الأطفال حيث أشار آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة إليها بشكل كبير وواضح.

حيث نشر تقرير المبعوثة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران في 2 سبتمبر 2017 عن طريق منظمة الأمم المتحدة وترافقها مذكرة للأمين العام، مرفوعة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولأول مرة ذكر فيها عدة بنود بشأن موضوع مجزرة السجناء السياسيين في إيران العام 1988 وجاء في البند 109 في الاستنتاجات والتوصيات:

“… وعلى مر السنين، صدر عدد كبير من التقارير بشأن المجازر التي وقعت في عام 1988. وفي الفترة ما بين تموز/يوليه وآب/أغسطس 1988، ذكر أن آلاف السجناء السياسيين، رجالا ونساء ومراهقين، أعدموا عملا بفتوى أصدرها آية الله الخميني المرشد الأعلى آنذاك. وقيل أيضا أنه تم إنشاء لجنة من ثلاثة أفراد من أجل تحديد الأشخاص الذين ينبغي تنفيذ حكم الأعدام بحقهم. وأفيد بأن جثث الضحايا دُفنت في مقابر غير موسومة وغير معروفة وأن أسرهم لم تبلغ أبدا عن أماكن وجودها”.

فيما يتعلق بهذه الانتهاكات الواضحة للقوانيين الدولية لمؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان تكمن مسؤولية كبيرة وراءها. حيث يجب على الدول الغربية اشتراط استمرار أي نوع من التعامل والعلاقات مع النظام الإيراني بتوقف عمليات الإعدام وبخاصة عمليات إعدام الأطفال. إن الصمت على هذه الجرائم يعطي دافعا أكبر وجرأة لمنتهكي حقوق الإنسان في مواصلة إعدامهم للأطفال.


المصدر:الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان

No comments:

Post a Comment